كان محافظ رشيد على بك السلانكلى رجلا قويا، رفض الاستسلام وأصر على الدفاع عن المدينة ، فى هذا اليوم انتصر أهل رشيد على فرقة من الجيش الإنجليزى، الذى جاء لاحتلال مصر بقيادة الجنرال فريزر، ونجح بالفعل فى احتلال الإسكندرية بعد استسلام حاكمها، فأرسل فريزر قوة بقيادة الجنرال ويكوب لاحتلال رشيد واتخاذها قاعدة حربية يزحف منها إلى داخل البلاد. تحرك الجيش من الإسكندرية يوم 29 مارس باتجاه رشيد ووصلها فى اليوم التالى، وأخذ يتأهب لدخولها فى صبيحة يوم 31 مارس من عام 1807 م . وقام محافظ رشيد على بك السلانكلى بإبعاد مراكب التعدية الموجودة أمام الشاطئ حتى لايفر فيها الجنود إلى البر الشرقي ، وبذلك كان العدو من أمامهم والبحر من خلفهم، وضع السلانكلى الخطة التى تقوم على التلاحم بين الجنود وكان عددهم لايتجاوز سبعمائة جندى والأهالى، بناها على تراجع الحامية والأهالى إلى داخل المدينة، وعلى أن يعتصموا بالمنازل مستعدين للضرب، وألا يبدأوا بحركة إلا عندما تصدر الإشارة بإطلاق النار.
تقدم الإنجليز، ولما لم يجدوا أثرا للمقاومة خارج البلد، اعتقدوا أن حاميتها اعتزمت إخلاءها كما فعلت حامية الإسكندرية من قبل، فدخلوا شوارع المدينة مطمئنين، وكان السير فى الرمال من الإسكندرية إلى رشيد قد أعياهم، فانتشروا وهم آمنون فى الطرق والأسواق يستريحون فيها، وما كادوا يجلسون وهم مطمئنون حتى أصدر السلانكلى أمره بإطلاق النار، فأخذ جند الحامية والأهالى يطلقون النار من كل صوب حتى دب الرعب فى قلوب الجنود الإنجليز، فقتل قائدهم ويكوب وعدد كبير من ضباطه، وبلغت خسائر الإنجليز 170 قتيلا و250 جريحا و120 أسيرا، وارتد الباقون إلى الإسكندرية عن طريق أبى قير يجرون أذيال الخيبة والندم، وكانت هزيمة الإنجليز فى رشيد هى بداية النهاية لحملة فريزر فى مصر .
أدى هذا الانتصار لرفع الروح المعنوية للشعب المصرى، فعندما خرجت طائفة من الإنجليز إلى ناحية دمنهور، وكان حاكمها قد بلغه ماحصل فى رشيد، صادف الفارين، فقتل بعضهم وأخذ منهم أسرى، وأرسلوا بالبشارة إلى القاهرة، فضربت المدافع وعلقت الزينة ابتهاجا بالنصر الذى ملأ قلوب الناس فرحة وبهجة، وإعلانا للنصر. أرسل على بك السلانكلى حاكم رشيد الأسرى الإنجليز إلى القاهرة ومعهم رؤوس قتلاهم، فكان ذلك يوما مشهودا.
وبادر الشعب إلى التطوع والاستعداد للقتال، وخطب خطباء المساجد فى حث الناس على الجهاد، وأقام الناس الاستحكامات والخنادق شمال القاهرة لصد الإنجليز إذا جاءوا عن طريق شبرا ، كما توجه الكثيرون منهم لرشيد للمساعدة فى الدفاع عنها.
لقد كان انتصار رشيد بداية لانتصارات عديدة على الحملة، فقد هزم الإنجليز فى الحماد بالبحيرة، وتم حصار القوات الإنجليزية فى الإسكندرية، وعاد محمد على فور علمه ببناء الحملة من الصعيد حيث كان يحارب المماليك هناك، وتوجه إلى دمنهور حيث استسلم الإنجليز، ووافقوا على الجلاء عن الإسكندرية مقابل تسلم أسراهم وجرحاهم وتم الجلاء فى 19 سبتمبر 1807.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق